الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن نشاط هذه الشركة في تكرير النفط والصناعات البتروكيماوية. وهو نشاط مباح، بل من الأنشطة الضرورية التي نشجع الشركات على الاستثمار فيه. ويبلغ رأسمالها 8.76 مليار ريال. ومن خلال الاتصال بعددٍ من المسئولين في الشركة والاطلاع على نشرة الإصدار الخاصة بها تبين أن الشركة حصلت قبل ما يقارب السنتين على تمويل من عدد من البنوك ومعظم هذا التمويل بقروض بفوائد محرمة، وجزء منه بمرابحات إسلامية. وتبلغ نسبة المستغل من هذا التمويل – بعد استبعاد المرابحات الإسلامية وحصص الشركاء المقرضين- حوالي30% من القيمة الجارية (الحقيقية) لأصول الشركة. وهذه النسبة شاملة لأصل القرض والفوائد المترتبة عليه، وأما الفوائد المحرمة المدفوعة على هذه القروض –وهي تمثل العنصر المحرم في تعاملات الشركة- فبلغت (380 مليون ريال) أي أقل من 2% من مصروفات الشركة البالغة (20 مليار ريال).
وبناء على ما سبق فالذي يظهر هو جواز الاكتتاب في هذه الشركة؛ لأن نشاطها مباح، وجميع أموال الاكتتاب ستوجه لهذا النشاط المباح كما نصت على ذلك نشرة الإصدار، ولن يوجه منها شيء لسداد القروض.
وقد ظهر جلياً من خلال الاتصال ببعض مسئولي الشركة حرص عدد منهم على أن تكون معاملاتها إسلامية، الأمر الذي لم يكن متيسراً عند الحصول على التمويل بسبب أن معظم البنوك المقرضة في ذلك الوقت لم يكن لديها عقود تمويل إسلامية، وقد تغير الوضع الآن فانتشرت المصارف الإسلامية -ولله الحمد- وظهرت أدوات متعددة للتمويل طويل الأجل وفق صيغ شرعية بما يلبي احتياجات الشركات.وهذا الأمر سيدعم -بإذن الله- التوجه الحالي للشركة.
ولا يخفى أن التسهيلات التي قدمتها حكومة هذه البلاد –وفقها الله- لهذه الشركة الغرض منها مصلحة أبناء هذه البلاد ونفعهم؛ لكونها من الشركات العامة التي سيتاح لها استغلال مرفق من أهم المرافق العامة وهو النفط. والأخطاء الفردية التي تقع في وقت سابق يتحملها من ارتكب الخطأ ولا ينبغي أن يحرم بسببها عموم الناس من الحق الذي فرضته لهم الشريعة أولاً وفرضته لهم الدولة.
وأؤكد هنا على أن جواز الاكتتاب في الشركة لا يعني أن الربا اليسير مباح، بل هو حرام ومن كبائر الذنوب، ولكن الإثم على من باشره أو أذن به من القائمين على الشركة، وأما المساهم الذي لم يرض بذلك فلا شيء عليه؛ لأنه إنما ملك أسهماً مباحة فإذا خالطها شيء من الحرام فلا يحرم السهم كله بل يتخلص من الجزء المحرم ويبقى ما عداه مباحاً، والتطهير إنما يجب في الأرباح التي توزعها الشركة، أما من باع أسهمه بربح قبل أن يقبض شيئاً من الأرباح الموزعة فلا يلزمه التطهير.
وإني أوجه من يكتتب في هذه الشركة أن يبذل جهده في المطالبة بتنقيتها من المعاملات المحرمة، كما أحث القائمين عليها على المبادرة إلى تحويل جميع تعاملاتها إلى عقود جائزة، فالبدائل الإسلامية ولله الحمد متاحة، وجواز الاكتتاب في الشركة للمساهمين لا يعفي القائمين عليها من إثم أي معاملة محرمة يأذنون بها ولو قلّت، فالله قد حذرنا من الربا وتوعد من تعامل به بحرب منه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم. نسأل الله يوفقنا إلى ما يرضيه، وأن يجنبنا أسباب سخطه وعقابه.
والغرض من هذه الفتوى تبيين وضع الشركة من الناحية الشرعية ولا يقصد منها التوصية بالاكتتاب من عدمه فتلك مسؤولية المستثمر. والله أعلم.
د / يوسف الشبيلي ..... وفقه الله